في خضم النقاش حول الهجرة، تظهر فرنسا كميدان معقد. على الرغم من أن السكان غير الأوروبيين يمثلون جزءًا غير ضئيل من المجتمع الفرنسي، إلا أنهم في الواقع أقل نسبيًا من بعض الجيران الأوروبيين. بعيدًا عن ألمانيا التي تتصدر الطلبات على اللجوء، فإنها تستقبل أيضًا عددًا أكبر من الطلبات مقارنة بفرنسا. إذا لم تكن فرنسا يومًا قد احتوت على هذا العدد من المهاجرين من حيث الأرقام المطلقة، فإنها لا تصل أيضًا إلى أقصى جاذبية. وبفضل الإحصائيات والشهادات، تتساءل الرؤية المتنوعة لهذه الجاذبية عن واقعها وصدقها في السياق الأوروبي الحالي.
هل فرنسا حقًا وجهة مميزة للمهاجرين؟ رغم التصور العام، تبقى فرنسا متخلفة مقارنةً بدول أوروبية أخرى من حيث استقبال المهاجرين. يمثل غير الأوروبيين 5.6% من السكان الفرنسيين، وهو رقم أقل من إسبانيا وألمانيا وإيطاليا. في مجال طلبات اللجوء، تسجل ألمانيا ضعف عدد الطلبات مقارنةً بفرنسا. اقتصاديًا، التأثير الناتج عن الهجرة في فرنسا طفيف، حيث تمثل مساهمة المهاجرين 1.02% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل متوسط 1.56% لدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
يظل الوصول إلى الرعاية الطبية للمهاجرين غير النظاميين، رغم الانتقادات، محدودًا. حيث يستفيد فقط 51% من المؤهلين من المساعدة الطبية الحكومية. بالمقارنة، تقدم سياسات المساعدة الاجتماعية في ألمانيا والمملكة المتحدة خدمات متنوعة، غالبًا ما تقتصر على الرعاية الطارئة أو مشروطة مالياً.
جاذبية فرنسا للمهاجرين: واقع متعدد الأبعاد
على المستوى الأوروبي، تحتل فرنسا مكانة خاصة، إذ تُعد من الوجهات الرئيسية للمهاجرين. وفقًا لمكتب يوروستات، في عام 2022، كان غير الأوروبيين يشكلون حوالي 5.6% من السكان الفرنسيين، وهو رقم متواضع نسبيًا مقارنةً بدول أخرى مثل إسبانيا (8.1%) أو ألمانيا (7.6%). يذكّر هذا الترتيب بأن فرنسا ليست بالضرورة الدولة الأكثر جاذبية رغم أنها خيار مفضل من قبل العديد من طالبي اللجوء.
تشير البيانات الحديثة من الاتحاد الأوروبي إلى وجود طلب ملحوظ على اللجوء، مع حوالي 167,000 طلب في عام 2023، مما يضع فرنسا في المركز الثاني خلف ألمانيا. ومع ذلك، فإن هذه الجاذبية الظاهرة تخفي تعقيدًا في المسار الهجري حيث يتم اتخاذ القرار بشأن الوجهة النهائية غالبًا استنادًا إلى عوامل اجتماعية وتأريخية ولغوية بدلاً من اختيار متعمد.
تأثير الهجرة على الاقتصاد الفرنسي
يؤكد تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لعام 2021 أن النجاح الاقتصادي لأي دولة ليس بالضرورة مرتبطًا بميزانية مثقلة بالهجرة. في الواقع، تتجاوز مساهمة الأشخاص المولودين في الخارج في الناتج المحلي الإجمالي قليلاً 1%، مما يؤكد التأثير العام المنخفض. تمثل هذه النسبة الكبيرة من القوة العاملة المهاجرة، التي تتراوح أعمارها بشكل أساسي بين 25 و55 عامًا، ميزة للمال العام، مع وجود أعباء أقل تتعلق بالمعاشات التقاعدية أو التعليم.
خدمات الصحة وإدراك المساعدة الاجتماعية
أدى نظام المساعدة الطبية الحكومية (AME) في فرنسا، بالنسبة للأشخاص غير النظاميين، إلى العديد من النقاشات. يشير بعض الأصوات إلى أنه قد يشجع على “السرية”، في حين أن 51% فقط من السكان المؤهلين يستفيدون منه، وفقًا لمعهد Irdes. وهذا يكشف عن مدى عدم معرفة المتطلبات بين أولئك الذين يمكنهم الاستفادة منه، رغم إقامتهم الطويلة في فرنسا. بالمقارنة، في ألمانيا، يحصل طالبو اللجوء على حق الوصول إلى الرعاية الطارئة خلال سنواتهم الأولى، بينما في المملكة المتحدة، تُفرض ضرائب كبيرة على الأجانب عند تقديم طلب التأشيرة.
Thank you!
We will contact you soon.